تعيش محافظة السويداء جنوب سوريا حالة من الاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ منتصف آب 2023، وهي أطول موجة احتجاجات تشهدها المحافظة مقارنةً بالفترة منذ عام 2011, يظهر أن هذه الاحتجاجات قد اتخذت مساراً جديداً بتمسكها بالمطالب السياسية، مطالبةً بتغيير النظام او إسقاطه في بعض الأحيان.
استراتيجيات النظام في مواجهة ثورة السويداء:
لمواجهة هذا الحراك الشعبي، اعتمد النظام السوري على مجموعة من الأدوات والسياسات التي تستخدم العنف المنظم والتضييق على السكان في مختلف القطاعات, تمثلت هذه السياسات في العمل على تقسيم القيادة الروحية الدرزية والعقوبات الجماعية، حيث تم تضييق الحياة الاجتماعية بتقييد الخدمات والمساعدات الإنسانية.
الضغوط الاقتصادية على السكان:
قام النظام بتأخير تسليم مخصصات مازوت التدفئة للأهالي، خاصةً أن السويداء جغرافياً منطقة جبلية تشهد برودة شديدة, وحتى نهاية عام 2023، لم يتم توزيع سوى 25% من المخصصات، مما أثر بشكل كبير على الحياة اليومية للسكان, كما أن نقصاً في إمدادات المحروقات، ادى الى تعطيل قطاع النقل الداخلي.
أزمة المياه والخدمات الصحية:
من المعروف ان مناخ السويداء يتسم بانخفاض نسبة التهطال السنوي, لذلك تفاقمت أزمة المياه في محافظة السويداء بسبب إهمال النظام لإصلاح “منظومة آبار الثعلة“، مما أدى إلى خروج 90% من الآبار عن الخدمة, وهذا تسبب في انقطاع المياه عن مناطق واسعة، خاصةً الريف الشرقي، مما دفع السكان إلى الاعتماد على سيارات نقل المياه بتكلفة مرتفعة, مما زاد الضغط المعيشي على السكان في المنطقة.
تقليص الخدمات الاجتماعية:
شملت سياسات التضييق قطاعات خدمية أخرى، مثل الصحة ورعاية المسنين حيث شهدت محافظة السويداء تراجعاً في المساعدات المقدمة من الجمعيات الإنسانية المرتبطة بالنظام، مما أثر على المحتاجين, تم تقليص المساعدات وتحكم الهلال الأحمر والأمانة العامة للمحافظة بتوزيع المساعدات على الموالين للنظام لأغراض سياسية تخدم النظام.
استمرار الاحتجاجات والتحديات:
رغم تبني النظام لنهج التضييق، لم ينجح في إخماد احتجاجات السويداء حتى الآن, ورغم أن النظام يعتمد على تقديم خدمات محدودة لإسكات المحتجين، لكن السكان مازالوا مرابطين في الساحات يطالبون بالتغيير والقضاء على الفساد. ومما كشف اهمال النظام لتطوير قوى المجتمع المدني في المحافظة, ظهرت سلبية ذلك وعدم قدرة المجتمع على تعويض الخدمات المقدمة من النظام اثناء هذه المحنة.
خطط النظام:
تبدو خطط النظام ترتكز على استمرار الضغوط الاقتصادية وتقليص الخدمات لأدنى حد ممكن, مع الرهان على أن تلك السياسات قد تضعف الحراك الثوري بمرور الوقت, ومع عدم وجود منظمات مجتمع مدني قوية، يواجه السكان تحديات كبيرة في تعويض النقص في الخدمات التي يجب ان يقدمها النظام.
في النهاية، يظهر أن السويداء تشهد تحديات كبيرة تتطلب تدخلاً فوريًا لتلبية احتياجات السكان وتحسين جودة حياتهم، وذلك من خلال التركيز على توفير الخدمات الأساسية معتمدين على تعزيز التعاون المجتمعي.