أنقرة تستعد لزيارتين حاسمتين وملف حلب على الطاولة!
من يراقب مشهد الازمة السورية يستطيع ان يلتمس وصول الازمة الى فصلها الاخير وهو تقسيم الكعكة بين الفرقاء المتنازعين على ان تصبح سورية ورقة بيدهم مفيدة عند ترسيخ خريطة شرق اوسط جديد.
وجديد النوايا الخفيّة كشفته صراحة صحيفة “Türkiye“ المقربة من الحزب الحاكم في تركيا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على عقد لقاء حاسم في إطار محادثات استانا 21 لبحث تطورات الأوضاع في سوريا حيث يسعى الطرفان للخروج بحلول عاجلة للأزمة السورية خاصةً من سيحوز على وضع مدينة حلب وإدلب تحت وصايته.
موضوع اللقاء
اهمية هذا الاجتماع بين أردوغان وبوتين هو التوصل لتفاهم نهائي حول مسالة إدارة مدينة حلب التي يرى أردوغان أنها أصبحت ذات هوية شيعية وإنتهاءً بالعمليات العسكرية المرتقبة في الشمال السوري, تمهيدًا لهذا اللقاء، أعدت تركيا تقريراً شاملًا باستخدام معلومات من منظمات المجتمع المدني والاستخبارات والقوات المسلحة المتواجدة في سورية، بهدف إلقاء الضوء على المستجدات في المنطقة، خاصة مناقشة سيناريوهات متعددة تتعلق بإعادة إعمار “مدينة حلب” إلى جانب العمليات العسكرية في الشمال السوري..
من جهة أخرى، تسعى روسيا في الوقت ذاته إلى تأكيد العلاقات الاقتصادية والسياسية مع تركيا وتحقيق تقدم في ملف إدلب, وبينما يترقب العالم تطورات العلاقات بين هاتين الدولتين، فإن المجتمع الدولي يعتبر هذا اللقاء فرصة حاسمة لتحقيق تقدم في تسوية الأزمة السورية.
أولويات اللقاء ملف حلب وادلب
بدأت الدولتان تركيا وروسيا تدخلان معركة استراتيجية حول أحقية كل منهما في السيطرة على مدينة حلب السورية، حيث ترغب تركيا في تغيير الظروف في مدينة حلب لتحقيق إعادة إعمار المدينة وعودة المدنيين إليها، بينما تسعى روسيا إلى السيطرة على إدلب وسحبها من قبضة هيئة تحرير الشام لتسليمها على طبق من فضة للنظام السوري.
ومن الواضح أن لكل طرف أجندته وأهدافه المحددة في مستقبل حلب, تركيا تعتبر أن حلب تحولت إلى مدينة شيعية بفعل تدخل إيران وتسعى إلى إعادتها إلى هويتها الأصلية, مطالب تركيا تركز على تحقيق تغيير جذري في الأوضاع الدينية والسكانية والثقافية في المدينة, وفقًا لمعلومات حصلت عليها الصحيفة من مصادر في أنقرة، ستكون حلب هي المحور الرئيسي للمحادثات المرتقبة بين بوتين ورئيسي وأردوغان.
وفي الوقت ذاته، تعتزم تركيا استعادة “أحياء التركمان” التي تحولت إلى مقر لأعضاء سوريا الديمقراطية، وهي الفصيل الذي تعتبره أنقرة فرعاً لحزب العمال الكردستاني في سوريا, ومن الجدير بالذكر أن النظام الإيراني نجح في نشر المذهب الشيعي الفارسي في أكبر أحياء حلب بعد إخلاء المدينة في عام 2016، وجلب أكثر من 50 ألف شيعي إلى المدينة، حيث تحولت المساجد والمدارس إلى حسينيات ومراكز دينية شيعية.
لذلك تسعى تركيا إلى إنهاء ما أسمته “الاحتلال الديني والسكاني والثقافي” لحلب، وتسعى لتأمين عودة نحو 3 ملايين من سكان المدينة إلى منازلهم, كما تسعى لمنح المدينة وضعًا خاصًا تحت إشراف قوة دولية، حيث تؤكد الصحيفة أن الولايات المتحدة وروسيا لا تنظران ببرود إلى خطة تركيا في هذا السياق.
تطورات في إدلب والمشهد الشمالي
تتركز اهتمامات تركيا حول مستقبل إدلب، حيث يتم الترتيب لشن عمليات عسكرية واسعة النطاق بعد الانتهاء من الانتخابات المحلية. تتطلع أنقرة إلى التعاون مع روسيا في هذا السياق، وتنوي تقديم مقترح لإيجاد حل دائم يسمح لها البقاء مسيطرة على إدلب, وفي هذا السياق، ستطلب تركيا من روسيا أن تتوقف عن الهجمات الشرسة على المدنيين في إدلب وحواضرها.
الأجندة المرتقبة لتقرير مستقبل مدينة حلب
أحد أبرز المواضيع على طاولة الحوار سيكون تحوّل واقع مدينة حلب, حيث تسعى تركيا إلى إعادة إعمار المدينة وتسليمها للمدنيين بعد تحريرها من التنظيمات الإرهابية. أما النوايا الروسية هدفها السيطرة على إدلب وتسليمها للنظام السوري, هذا يفتح باباً للمفاوضات حول مستقبل المدينة، حيث يبحث الزعماء الثلاثة (الأسد وبوتين وأردوغان) عن توازن يلبي تطلعاتهم.
لقد بات من المتوقع أن تتطور العلاقات الثنائية بين تركيا وروسيا على مستوى متقدم، حيث تشمل التعاون الاقتصادي والعسكري. لذلك قدمت تركيا مقترحًا لإنشاء آلية جديدة للتعاون في سوريا، بهدف تحقيق استقرار الوضع في المناطق المتنازع عليها.
العرَّاب الأمريكي وآفاق الحلول
في ظل التطورات السياسية المستمرة، يظهر اللقاء القادم بين أردوغان وبوتين فرصة حاسمة لتحقيق تقدم في الأزمة السورية, تحديات إدلب ومستقبل حلب تتطلب تنسيقًا توافقياً بين البلدين، وقد تكون المفاوضات القادمة نقطة تحول حاسمة في مسار الأحداث في المنطقة.
ولكن رأي الخبراء المراقبين للمشهد، يرى أنَّ الجهود المشتركة بين تركيا وروسيا في سبيل تحقيق استقرار المنطقة وإيجاد حلول فعّالة للأزمة السورية، لن يأتي بنتائج عملية ما دام العرَّاب الأمريكي خارج قوسي اللقاء المرتقب بين زعماء البلدين، وبدون مباركة هذه الخطوة من قبل هذا العرَّاب، لن يكون هنالك فرصة لأي أحد للنجاح في تعزيز التعاون وتحقيق تقدم ملموس في طريق السلام.