بعد مرور أكثر من 12 عامًا، يظهر على الساحة فصل جديد في تطبيع السعودية والنظام لإعادة افتتاح السفارة السعودية في العاصمة السورية دمشق. أكدت صحيفة الوطن، المقربة من النظام السوري، أن هذه الخطوة تأتي بعد فترة طويلة من إغلاق السفارة نتيجة لتفاقم الأحداث بعد قمع النظام للاحتجاجات الشعبية التي كانت تنادي بالتغيير والاصلاح.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي في دمشق أن التحضيرات لإعادة افتتاح السفارة السعودية ستبدأ في الأيام القادمة، حيث سيتولى القائم بالأعمال مهمة رئاسة البعثة إلى أن يتم تعيين سفير رسمي للملك سلمان بن عبد العزيز لدى النظام السوري، وهو أمر لا يستغرق وقتًا طويلاً.
في سياق متصل، جرى لقاء بين سفير النظام السوري لدى الرياض، أيمن سوسان، ونائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، تمحور حول تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين في مختلف المجالات. ووفقًا لوكالة الأنباء السورية “سانا”، تناول اللقاء تطوير العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة والعمل العربي المشترك.
استئناف الخدمات القنصلية في سفارة النظام بالرياض جاءت مع عودة سوسان وتوليه مهامه، حيث استأنفت السفارة السورية عملها القنصلي على الفور. بدأت الخدمات القنصلية بتقديم الخدمات للسوريين المقيمين في المملكة، الذين يبلغ عددهم قرابة المليون شخص حسب الأرقام المتاحة، ويتم تنظيم العمل القنصلي وفقًا لمنصة مخصصة لتقديم الخدمات للمراجعين.
تأتي هذه التطورات في إطار تحولات سريعة في العلاقات بين السعودية والنظام السوري. في 6 ديسمبر 2023، عين رئيس النظام السوري بشار الأسد أيمن سوسان سفيرًا للنظام لدى السعودية، بعد شهور من تطبيع العلاقات رسميًا بين البلدين. كانت السعودية والنظام السوري قد قررت في 9 مايو الماضي استئناف عمل بعثاتهما الدبلوماسية بعد إغلاق دام لأكثر من عقد بسبب الأحداث الناجمة عن اندلاع الثورة السورية.
السعودية والثورة السورية
في مارس 2011، أعلنت السعودية وقطر دعمهما للثورة السورية، التي اندلعت كجزء من الانتفاضات العربية. كانت المملكة العربية السعودية في صف الدول التي عبّرت عن تأييدها للمطالب الشعبية في سوريا واستنكارها للقمع الوحشي الذي تعرض له المتظاهرون على يد نظام الرئيس بشار الأسد. منذ البداية، أكدت السعودية على ضرورة تحقيق التغيير ورحيل الأسد من السلطة، داعية إلى حقوق الشعب السوري في الحرية والعدالة.
على مر السنوات، استمرت السعودية في دعم المعارضة السورية من خلال توفير المساعدات الإنسانية والإغاثية للمتضررين، بالإضافة إلى دعمها للجهود الدولية من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. تجلى هذا الدعم في تقديم المساعدات المالية والإنسانية للنازحين واللاجئين السوريين، إضافة إلى دعم المعارضة المعتدلة وتعزيز قدراتها على جميع الاصعدة.
من خلال تاريخها في دعم الثورة السورية، تظهر السعودية كلاعب دور رئيسي في تعزيز القضايا الإنسانية والدفاع عن حقوق الشعوب في المنطقة.
منذ بداية الثورة السورية في مارس 2011، كانت السعودية قد اتخذت موقفًا قويًا ضد النظام السوري وقطعت العلاقات معه، داعية إلى رحيل بشار الأسد. ومع ذلك، شهد الخطاب السعودي تغييرًا منذ بداية عام 2023، حيث بدأت السعودية تقديم مساعدات إلى مناطق تحت سيطرة النظام السوري. في 19 مايو الماضي، شارك بشار الأسد في قمة عربية في جدة السعودية، للمرة الأولى منذ عام 2011.