عواقب إيقاف الدعم الإنساني في الأزمة السورية:
في الرابع من ديسمبر 2023، أعلن برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، عن قراره إيقاف برنامج المساعدات الغذائية في سوريا ابتداءً من يناير 2024، نتيجة لنقص التمويل الكبير. تلك الخطوة أثارت قلقًا كبيرًا بين السكان السوريين الذين تعتمد حياتهم اليومية على هذه المساعدات.
نص القرار كما جاء في للإعلان
إشعار لوسائل الإعلام
يأسف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة للإعلان عن انتهاء برنامج مساعداته الغذائية العامة في جميع أنحاء سوريا في يناير/ كانون الثاني 2024 بسبب نقص التمويل. وسيواصل برنامج الأغذية العالمي دعم الأسر المتضررة من حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية في جميع أنحاء البلاد من خلال تدخلات طارئة أصغر وموجهة أكثر.
هذا وسيواصل برنامج الأغذية العالمي أيضاً مساعدة الأطفال دون سن الخامسة والأمهات الحوامل والمرضعات من خلال برامج التغذية، والأطفال في المدارس ومراكز التعلم من خلال برنامج الوجبات المدرسية، وكذلك الأسر الزراعية المدرجة في برنامج دعم سبل العيش بالإضافة إلى ذلك سيواصل البرنامج تدخلاته لدعم تعافي النظم الغذائية المحلية، مثل إعادة تأهيل أنظمة الري والمخابز.
على مدى 12 عاماً من الحرب والأزمات، وقف برنامج الأغذية العالمي إلى جانب الشعب السوري في مواجهة انعدام الأمن الغذائي. لقد تم إنفاق مليارات الدولارات وتم تسليم ملايين الأطنان من المواد الغذائية إلى ملايين الأسر. وعلى الرغم من أن الأمن الغذائي أصبح الآن أدنى من أي وقت مضى ورغم الانخفاض التدريجي في حجم الحصص الغذائية وقيمة القسائم الإلكترونية إلا أن البرنامج غير قادر على مواصلة تقديم الغذاء بمستوياته السابقة في خضم أزمة تمويل تاريخية خانقة سيكون لها عواقب لا توصف على ملايين الأشخاص.
إن عواملاً كمستوى الاحتياجات الإنسانية غير المسبوق حول العالم، والتحديات الاقتصادية العالمية، والتشديد المالي من جانب الجهات المانحة الرئيسية البرنامج الأغذية العالمي أدت إلى عدم قدرة هذه الجهات على تقديم نفس المستوى من الدعم لسوريا. وتجبر أزمة التمويل الحالية برنامج الأغذية العالمي والذي يعتمد تمويله بالكامل على المنح الطوعية على تقليص مساعداته المنقذة للحياة على مستوى العالم في وقت وصل فيه الجوع الحاد إلى مستويات قياسية. في هذا العام يجري التخفيض أو التخطيط للتخفيض في حجم ونطاق المساعدات لدى نصف عمليات البرنامج القطرية تقريباً بسبب نقص التمويل.
يتواصل برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه المنفذون في سوريا حاليا مع الأسر والمجتمعات المتأثرة لإبلاغهم بهذه التغييرات. كما عزز برنامج الأغذية العالمي آلية التغذية الراجعة الخاصة به لتزويد الأشخاص بالمعلومات التي يحتاجون إليها فيما يتعلق بهذا الوضع.
وسط هذا الواقع الصعب، يعرب “برنامج الأغذية العالمي” عن امتنائه العميق لشركاته المتعاونين في سوريا لتعاونهم المستمر في دعم الأسر الأكثر ضعفاً.
لسنوات عديدة، دفعت الأزمات المتتالية انعدام الأمن الغذائي في سوريا إلى مستويات غير مسبوقة. وسيواصل برنامج الأغذية العالمي جهوده في حشد الدعم نيابة عن الشعب السوري، من خلال جمع الأموال ونشر الوعي في المجتمع الدولي.
أهمية برنامج الأغذية العالمي في الأزمة السورية:
لقد كان برنامج الأغذية العالمي حلقة النجاة للكثيرين في سوريا خلال السنوات العشرين الماضية. وقدم البرنامج دعماً غذائياً للأسر المتضررة من النزاعات والأوضاع الطارئة. على مدى 12 عامًا من الحرب والأزمات، قدّم البرنامج مليارات الدولارات وملايين الأطنان من المواد الغذائية، وساهم في توفير الأمان الغذائي للملايين.
حول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في سوريا:
يتواجد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في سوريا منذ عام 1964 وقد قدم دعماً جوهريا للأسر المتضررة من الأزمة منذ عام 2011. وعلى مدى السنوات العشر الماضية أنفق برنامج الأغذية العالمي 3 مليارات دولار على توصيل 4.8 مليون طن من الغذاء. وأنفق البرنامج 300 مليون دولار على المساعدات النقدية و 800 مليون دولار على السلع والخدمات علاوة على ذلك، دعم برنامج الأغذية العالمي إعادة تأهيل 21 مخبزا و 25 ألف هكتار من أراضي الري. وفي عام 2022، قدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية عامة إلى 5.8 مليون شخص، ووفر الوجبات المدرسية لـ 600000 طفل، وقدم المساعدات الغذائية لـ 500000 طفل وامرأة حامل ومرضعة، وحصلت 300000 أسرة ريفية على دعم سبل العيش كما قام البرنامج بإعادة تأهيل 4 مخابز عامة تخدم 245,000 شخص بالخبز الطازج و 632 كيلومترًا من قنوات الري لدعم عمل 104,400 مزارع في نفس العام.
تأتي هذه الخطوة في ظل تحديات اقتصادية ومالية عالمية، حيث تواجه الجهات المانحة ضغوطًا غير مسبوقة. يعكس هذا القرار الحاجة الملحة إلى دعم دولي للحفاظ على استقرار الحياة في سوريا.
عواقب إيقاف برنامج الأغذية العالمي على الازمة السورية
تأثير انقطاع الدعم عن الأطفال والحوامل: رغم ان برنامج الاغذية العالمي استثنى إيقاف الدعم للأطفال دون سن الخامسة والحوامل ولكن اذ تم ايقاف الدعم عنهم في المستقبل هذا يعني تعريض هذه الفئات الضعيفة لخطر الجوع ونقص التغذية. قد يتسبب ذلك في زيادة معدلات الوفاة وتأثيرات صحية طويلة الأمد.
تأثير انقطاع الدعم عن الزراعة: قد يؤدي انقطاع الدعم عن الأسر الزراعية إلى تراجع في إنتاج المحاصيل وتدهور القدرة على العيش. يمكن أن يتسبب هذا في مشكلات اقتصادية إضافية وتفاقم الفقر.
ارتفاع في اسعار الفذاء في الداخل السوري: قد يشهد سوق الغذاء في سوريا تأثيرات سلبية، حيث قد ينخفض الإنتاج المحلي وتتزايد الاعتماد على الواردات. قد يؤدي ذلك إلى زيادة في أسعار الطعام وتوفره بشكل غير مضمون.
التأثير على السكان الريفيين: إيقاف دعم سبل العيش للأسر الريفية قد يعني تدهورًا في ظروف المعيشة للمزارعين والعمال في القطاع الزراعي، مما يزيد من حدة الفقر ويؤثر على استدامة الأنشطة الزراعية.
تأثير على الهجرة: قد يؤدي استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية إلى زيادة في مستويات التوتر والهجرة، مما يؤثر على استقرار المجتمع ويخلق تحديات أمنية إضافية الى دول الجوار مثل تركيا واروبا بشكل عام.
دور المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية: يزيد هذا القرار من الضغط على المجتمع الدولي لتقديم دعم إضافي وضروري لتلبية الاحتياجات الإنسانية في سوريا. قد تكون منظمات الإغاثة والمانحين الدوليين في حاجة إلى تعزيز التعاون لتقديم المساعدة الملحة.
الأمان الاجتماعي: قد يؤثر انقطاع الدعم في الأمان الاجتماعي على الاستقرار الاجتماعي والنظام الاجتماعي، مما يتطلب مراقبة دقيقة لتحديد التأثيرات على المدى الطويل.
ضرورة التحرك السريع: يعتبر هذا القرار تحديًا عاجلاً يتطلب استجابة فورية وتحرك من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتخفيف الآثار السلبية وتوفير الدعم للفئات الأكثر ضعفًا.
هذه الجوانب تبرز تحديات إنهاء برنامج المساعدات الغذائية وتأثيراتها المتوقعة على الأمن الغذائي والاقتصاد والاستقرار في سوريا.
يجب اتخاذ خطوات مستقبلية:
جمع التبرعات:
يجب على المجتمع الدولي تعزيز حملات التبرعات لدعم البرامج الإنسانية في سوريا وضمان استمرار تقديم المساعدة.
التفاوض الدولي:
العمل على تعزيز التفاوض الدولي لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فعال وآمن إلى السكان المتضررين.
تعزيز الاستدامة:
تحفيز البرامج الإنسانية لتعزيز الاستدامة وبناء القدرات المحلية لتحمل المزيد من المسؤوليات.
إن إيقاف دعم برنامج الأغذية العالمي في سوريا يشكل تحديًا كبيرًا للجميع، ويتطلب جهداً دولياً لتقديم الدعم اللازم للمتضررين وللمساهمة في تخفيف الأوضاع الإنسانية الصعبة في هذا الوقت الحرج فن الثورة السورية.