مقدمة:
من يتابع أحداث الثورة السورية من أولى أيامها، لا بدَّ أن يبحث لمعرفة وقائعها في الإعلام المرئي أو المخطوط كي يقف على حقيقة ما يحدث ويستجدُّ من تطورات في كل دقيقة. وكان العثور على الحقيقة عصيَّاً على العاملين التقليديين في مجال الإعلام الدولي والمحلي تقديم الحقيقة بسبب مصادرة النظام لحرية الصحافة والإعلام على الساحة السورية. وفي نفس الوقت لم يكن لدى الثوار -في تلك الفترة- آليات وأدوات إعلامية حرفيَّة سوى اختطاف بعض اللقطات لتوثيقها بواسطة هواتفهم المحمولة، ومن ثم رفعها على شبكة الانترنت، الأمر الذي أودى بحياة الآلاف منهم في معتقلات النظام والموت. حقاً كان ثمن المنتج الإعلامي المتواضع لمدة دقيقة هو حياة ذلك الثائر. ورغم تلك الظروف القاسية، استمر الثوار بانتاج المحتوى الإعلامي الذي فضح جرائم النظام، وأصبح وثائق شاهد على جرائم الإنسانية يستفيد منها اليوم الأجهزة القضائية الدولية على اختلاف تخصصاتها.
ظاهرة ولادة إعلام ثوري واسع الإنتشار:
لقد خُلِقَت هذه الظاهرة من رَحِم أحداثٍ تحمل بصمة الثورة السوريَّة المضمخة بلون دم الإعلاميين الشهداء. ولكن الذين بقوا أحياءً، استطاعوا أن يمنهجوا نتاجهم الإعلامي ويطوروه حتى ارتقى بصناعة معايير خاصة به لوت عنق احتكار منصات الإعلام العالمي المأدلجة والمشبوهة، وفرضت هذه الظاهرة نفسها كمرجعية إعلامية تتعاطى النبأ والخبر، وتتقن فنّ التحليل السياسي، وطرح الحقائق بمصداقية وجودة.
لقد نضج الوعي الإعلامي الذي يَعتبرُ مجال الإعلام بكافة أشكاله من أهم المجالات في المجتمع اليوم، حيث تعتمد الجماهير على وسائل الإعلام للحصول على المعلومات والأخبار الهامة.
مستخرجات ظاهرة إعلام الثورة السوريَّة
بعد أن تشكلت “القبة الوطنية السورية“، أحدثت مكتبها الإعلامي الذي يضمّ باقة من الإعلاميين من مختلف مكونات القبة والشخصيات المستقلة المرتبطة بها.
ومعظم هؤلاء الإعلاميين، كانوا من الخميرة الإعلامية السورية التي اختارت الإنضمام إلى صفوف الثورة كي تعمل على رفع مستويات منتجي المحتوى الإعلامي الثوري الذين انخرطوا بالثورة دونما أي خبرة صحفية مسبقة. وقد لعب هؤلاء جميعهم دور المعلم وطالب المعرفة، ونجحوا بإمتياز في تأهيل كوادر مبدعة في إعلام الثورة حالياً.
واليوم، انبرى المعلمون وطلابهم الأكفاء – كمتطوعين – ليحملوا مسؤولية النبأ والخبر والتحليل السياسي بكل مصداقية وأمانة.
خاتمة:
في عالم مأزوم سياسياً واقتصادياً، ولدت الثورة السورية من الوعي الفطري لمفهوم الحرية والكرامة، ولم يكن في الساحة الإعلامية آنذاك سوى أبواق إعلام النظام المستبد. وفجأة أنتجت الثورة أحداثاً تفيض بالمعلومات والأخبار، وكان يجب على الثورة أن تخلق فضاءً إعلامياً يلعب هذا الدور. لذلك تم بناء مداميك إعلام ثوريٍّ يرتقي لمستوى هذه الثورة. وانبرى فريق الصحفيين بأعداده القليلة بأن يكونوا مسؤولين ومهنيين في تطوير جيل جديد من الإعلاميين لتقديم الأنباء والأخبار بشكل دقيق وموثوق. وتفخرمنصة القبة الوطنية السورية “قوس” أن تجمع في مكتبها الإعلامي باقة من الصحفيين المتميزين كمتطوعين يسعون دائمًا إلى تقديم أخبار ذات جودة عالية ومصداقية للجمهور السوري والعربي والعالمي. هذا هو الأساس الذي يساهم في تطوير المجتمع وتعزيز الحوار في عالم المعاصرة.
إصابة الهدف بالقلم سلاح يصيب ويؤلم ويساعد على الانتصار!!!