لم يصف أحدٌ بشكل وافٍ حقيقة هذه الدولة المارقة الإرهابية؛ كيف قامت؟ وكيف نشأت؟
منذ عهد القياصرة وإلى يومنا هذا تنهج السياسة الروسية منهجا واحدا في التغيير الديموغرافي والإبادة الجماعية للكثير من الشعوب فالتاريخ يحمل في ذاكرته وبشكل كبير ما تعرضت له الشعوب وخاصة منها الإسلامية من همجية الروس ولعل المؤرخين نسَوا او تناسَوا حقيقة وبتوجيه ماسوني ما فعلته روسيا من جرائم يندى لها جبين البشرية في حق المسلمين فقد أبادوا عشرات ملايين المسلمين منذ عهد القياصرة مرورا بالشيوعية وإلى يومنا هذا عبر تاريخهم الدموي واستغلوا ثرواتهم قرونًا طويلة ولازالوا الى الان يستغلونها وطبعا مساعي موسكو في محاولة غسل تاريخها الدموي من خلال إظهار صورة إيجابية للعالم العربي والإسلامي عبر تعميق علاقاتها مع الأنظمة وعبر غزو ثقافي من خلال فضائيات موجهة للشعوب العربية والإسلامية، غايتها لم تعد تخفى على أي مطّلع وكل ما تحاول هي زرعه في الذاكرة العربية والإسلامية يتعارض بشكل تام مع ما يوثقه التاريخ هذا فضًلا عن الواقع الحاضر وسوريا خير مثال على ذلك فالروس ما وطِئوا بأقدامهم أرضًا إلا وأحرقوها لغاية استراتيجية بعيدة مرتبطة الأيديولوجيا، فهم كانوا ولازالوا دولة يمينية متطرفة الى أبعد الحدود حتى في نظرتهم للطوائف المسيحية الأخرى يرَون أنهم الشجرة الأصلية للديانة المسيحية وأن كلّ الطوائف الأخرى عبارة عن فروع يابسة، قدومهم إلى سوريا ليست غايته دعم بشار الأسد فقط بقدر ما هي إعادة السيطرة على المنطقة وخصوصا ما يسمى بطريق بولس الرسول والذي له مكانة دينية عظيمة عندهم ويعدّ محجا لهم هذا فضلا عن النواحي الاقتصادية الأخرى التي تعتبر تحصيل حاصل بعد عمليات التغيير الديموغرافي والقتل والإبادة الجماعية التي يرتكبونها بحق السكان الأصليين .
روسيا والإرث المظلم في تاريخها
ولإظهار تاريخ روسيا الأسود سأضع بين أيديكم بعضاً من ممارساتها ضد العالم الإسلامي كي يفهم كل من أبهره وخدعه الأنموذج الروسي حقيقة وجوهر الصراع بيننا .
أواخر القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين كانت الدول الاستعمارية تتحكم بعالمنا العربي وكانت روسيا القيصرية وبعدها الشيوعية قد سيطرت على بلدان وسط آسيا والقوقاز ومنطقة البحر الأسود والقرم هذا مع لفت الانتباه الى أنها شريكة في سايكس بيكو التي أدت الى تقسيم العالم الإسلامي والذي كان تحت سيطرة الخلافة العثمانية وكان هذا التقسيم بعد الحرب العالمية الأولى ضد الدولة العثمانية في عام 1915 .. 1916.
وهنا بدأت حملات الإبادة والمجازر الروسية ضد المسلمين وأكثر الشعوب المتضررة من هذه الجرائم كانت دول القوقاز على سبيل المثال الشيشان والقرم كذلك الأمر فقد تعرض الشعب الشيشاني لحملات إبادة لقي فيها أكثر من نصف الشعب الشيشاني حتفهم ناهيك عن تهجيرهم قسريا والطريقة المهينة في التهجير حيث حُشر الناس في عربات القطارات المخصصة لنقل البضائع، من دون طعام ولا ماء ولا كساء وكان الموت مصير كل من يرفض ان ينصاع للأوامر عبر الإعدام الميداني المباشر بوحشية تُرهب كل من يرى ويسمع وأما من وقف مدافعا عن أرضه وأهله ودينه لاقى مصيرا مرعبا فقد جمعوهم في اسطبلات وأحرقوهم أحياء وهذا غيض من فيض هذه الحرب التي كانت ممنهجة لتهجير الشعوب وإحلال مواطنين روس مكانهم بعد أن فتتوا النسيج الاجتماعي فيها.
جوزيف ستالين أسس الحكم الذاتي المزعوم في عام 1944 وقام بنفي الشعب الشيشاني بشكل شبه كامل الى سيبيريا وإلى دول أخرى وكم قضى منهم حتفه في سيبيريا نتيجة الظروف الجوية القاسية التي يصعب على البشر تحملها .
لا يستطيع احد أن يصف قذارة ما جرى في هذا المنفى الجماعي لشعب بأكمله بقدر ما عبر عنه الكاتب الروسي ألكسندر سولجينتسين في كتابه أرخبيل الجولاج الذي وضح فيه بدقة حقيقة الحياة الجماعية للشعب الشيشاني حتى في معسكرات الاعتقال وقال عن ذلك : في الجولاج كانت هناك أمة لم تستسلم أبدًا لم تتطبع مع حياة وفكر الاستسلام، ولم تكن جماعة من المتمردين، بل كانت أمة بأكملها، وأنا أشير هنا إلى الشيشانيين، هؤلاء لم يحاولوا مطلقا إرضاء الزعماء أو استرضاءهم، كانت أفعال هذه الأمة متشامخة، وكانت في الحقيقة معادية، وهنا شيء غير عادي تجب الإشارة إليه، وهو أنه لم يتمكن أحد من منعهم من الحياة على الطريقة التي كانوا يعيشون بها، والنظام السوفييتي الذي حكم تلك الأرض طوال ثلاثة عقود لم يتمكن من إجبارهم على احترام قوانينه ..
كتاب: محنة الشيشان من إيفان الرهيب إلي يلتسين وبوتين لكاتب هذه السطور/ الطبعة الثانية.
فقد قال البروفيسور روميل في كتابه الذي جاء تحت عنوان “الموت عن طريق الحكومة” إنه قد قُتل نحو 110 ملايين شخص من الأجانب والمحليين بسبب الإبادة الجماعية الشيوعية من عام 1900 حتى عام 1987.
حتى وإن قامت الامبراطوية الروسية من قبرها ثانية فستنهار ثانية وثالثاً فلم يدم حكم ديكتاتوري دموي سفاح على وجه الأرض أبداً ولم يعمر ..